العالم العامل الفاضل الممجد الشيخ محمد بن محمد نصير الجيلاني.
عالِمٌ من أعلام القرن الثالث عشر.
له اشتغال واهتمام كبير بالعلوم العقلية والعرفانية.
تتلمذ لدى الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي واستفاد منه؛ وكان كثير الإكبار والتعظيم له
عن كتاب بيان الفوائد
وقد دوّن في هذا الشرح حضورة لدي في حلقةٍ درسيةٍ في كتاب (الفوائد)، وكان قبل ذلك قد قطع شوطًا كبيرًا في دراسةٍ الفلسفةٍ اليونانية التي كانت رائجة آنذاك في بلادٍ فارس بشكل كبير، ويظهر بأن رأيةٌ حول هذه الفلسفة قد تغيّر بعد حضوره درس الشيخ واستماعة لنقده لمعظم الآراء الفلسفية؛ فتبنى حينها آراء الشيخ الأحسائي ودافع عنها أشد الدفاع كما سيرى القارئ الكريم في هذا الشرح ولا شك أنّه استفاد منه في غير الفلسفةٍ والحكمةٍ أيضًا؛ لكون الشيخ الأحسائي آنذاك مرجع شهير قد دان بتقليد و الكثير وازدحمٌ في حضورٍ حلقاتهِ الفقهية والأصولية والحديثية الجموع الغفيرة من الطلبة؛
وأما حول تاريخ بداية هذه التلمذة فلا يوجد لدينا تاريخ دقيق ولكنها حتمًا كانت بعد هجرة الشيخ الأحسائي إلى بلاد فارس والتي كانت في حدود سنة 1223 هـ، بنزوله في يزد؛ ومن المعلوم من سيرة الشيخ الأحسائي أيضًا أنه حوالي سنة 1239هـ، قد هاجر إلى كربلاء؛ لغرض الإقامة الدائمة بها؛ وعليهِ فأن تاريخ تتلمذ الجيلاني عنده يقع بين سنة 1223هـ - 1239هـ،
كما نعلم أنه خلال سنة 1230هـ للجيلاني أسئلة وجهها إلى الشيخ الأحسائي وأجابةٌ عنها مما يعني علاقته بِهِ آنذاك، وكيفما كان فلا شك أنه خلال هذه السنوات الستةً عشرّ كان الجيلاني في بعضها مُلازِمًا لدرس الشيخ الأحسائي.
مسائله:
وكانت أسئلته التي وجهها لشيخه مبنيةٌ على ما قرأه من عباراتٍ في كُتبهِ فأشكل عليه فهمها؛ مما يدلل على انكبابه على مؤلفات أستاذه وليس فقط حلقات درسه؛ وهي مسائل تدل على تدقيقي وتحقيق، فمنها :
ما المراد من الإمكان الذي هو المكان للمتمكن الأوّل والوعاء للمشيئة الكونيّة؟
- وفي الحديث: «فبعلمه كانت المشيئة» إلخ ، يدل على أن الكونية مخلوقة بالإمكانية؛ وهذا بظاهره ينافي قوله عليه السلام : «خلق الأشياء بالمشيئة والمشيئة بنفسها». والتعبير بالعلم الإمكاني هل مبني على الاصطلاح أم مستنبط من كلمات الأئمة عليهم؟
- وفي معنى كل ما يمتنع في الممكن فهو في الواجب واجب بظاهرهة» وهذا يقتضي الكليّة جارية في جميع جهات التعريف.
- في الوجود بالنسبة إلى الواجب والممكن ليس مشتركًا معنويًا ولا لفظيًّا؛ لأن الاشتراك وكذا العموم والخصوص وغيرها من العنوانات كلها من صفات الممكنات» وما ليس فيها لا يصح انّصافه بصفاتها.
- ضرورة أن المفهوم من الوجود أمر انتزاعي عقلي؛ كيف يكون عيئًا في الواجب أو في الممكن.
وفرغ شيخه من أجوبتها في اليوم التاسع من شهر رجب من عام 1230 هـ.
وله أيضًا مسائل بعث بها للسيّد كاظم الرشتي (ت:1259 هـ)، كما أشار لذلك الرشتي في خاتمة كتابه (دليل المتحيرين)، وفي مقدمة الجواب يصفه ب(بعض العلماء الأعلام؛ والفضلاء الكرام). كما يصفُ مسائله أنها : (انحطت دونها الافهام، وضلّت لديها العقول والأحلام).
مؤلفاته:
له جملةٌ من المؤلفاتٍ العلمية التحقيقة؛ والغالبٌ عليها هو الفلسفة والعرفان، عرفنا منها التالي:
1- ظهور الحقّ.
2- شرح الفوائد الحكمية، فرغ من استنساخه الناسخ سنة 1230هـ. وهو الكتاب الذي بين يديك
3- زاد الموحدين
3- رسالة في بيان تحقيق المحمول والموضوع(1)، وهي في المنطق، جوابًا لسؤال الملا علي أصغر الذي وصفه بها ب(الصديق الروحاني). فرغ منها في ليلة الخميس من محرم الحرام عام 1234هـ.
أولها: (بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة على نبيه وآله. أمّا بعد. فيقول العبد الفقير.. كان في سابق الزمان، طالبًا مني أن أكتب له شيئًا في بيان تحقيق المحمول والموضوع على ما هو الحق عند المحققين).
آخرها: (فعلى هذا لا فرق يلي الأولوية وغيرها جزمًا. فتأمل، ولا تغفل تفهم المراد إن شاء الله تعالى).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
بيان الفوائد - شرح فوائد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي
1- قيد التحقيق