ميرزا غلام حسين التبريزي

حول المؤلف
ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام الكندجاني التبريزي
بقلم: راضي ناصر السلمان الأحسائي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطاهرين. مما يؤسف له جداً أن يمضي بعض أعلام علمائنا ويتركوا آثاراً كثيرة في مختلف العلوم؛ إلا أنهم يغفلوا جانب كتابة سيرة حياتهم وما فيها من التجارب والعبر، لكي يستفيد منها طلاب علوم الأجيال اللاحقة، بل جميع المجتمعات المتعاقبة.
وهذا ما حدى بجملة من الأعلام كشيخ المتألهين الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي قدس سره قديما وكآية الله الميرزا عبد الرسول الإحقاقي تكن حديثاً؛ أن يكتب كل واحد منهما كتاباً مستقلاً في ترجمة حياته وحياة أسرته(1).
ومع أن جملة من الباحثين والمحققين تداركوا ذلك بوضع الموسوعات الضخمة لبحث سيرة كم هائل من أعلام علمائنا. كما فعل صاحب كتاب (روضات الجنات)، و(شهداء الفضيلة)، و(أنوار البدرين) وغيرهم. إلا أنه بقي الكثير من العلماء ضاعت سيرهم بين زوايا التاريخ» وبقيت مؤلفاتهم ومصنفاتهم شاهدة على سطوع نحمهم في زمن من الأزمنة الغابرة.

وأتصور أن مؤلف كتابنا هذا من أولتك، فهو بالرغم من أن وفاته لم تكن في الزمن البعيد؛ إلا أننا لم نجد من ترجم لحياته بالشكل الذي أسهبه الشيخ كاظم حسين الأثير الباكستان في ترجمة مترجم هذا الكتاب. وإن كان يكفي -عندنا- أن نعلم أنه أحد التلامذة المرموقين لعلم من أعلام مدرسة الشيخ الأوحد الأحسائي؛ وهو خادم الشريعة آية الله العم الميرزا عبد الرسول الإحقاقي تل؛ وسنعتبر ما كتبه عنه في كتابه (قرنان) هو المصدر الوحيد حوله، وسنجدٌ حثيث البحث لنحصل على ترجمة له موسعة إن شاء الله نلحقها بالكتاب في الطبعات القادمة.

* المصنّف ومكان نشأته المباركة:
في طيات حديث خادم الشريعة نكل حول مدينة (أسكو) وأهلها؛ قال: (يمتاز أهالي مدينة (أسكو) بالذكاء والإيمان والأمانة؛ وحسن الضيافة والعمل والكد؛ أمَّا من الناحية الثقافية والعلمية؛ فلهم السبق في العلم والفضل» وفي مدّ لمجتمع بخيرة الأجيال من ذوي الكفاءة والقدرة العالية؛ في بحال الاجتهاد وعلوم الطب والهندسة والتعليم على مستوى إيران كلها.

وإذا تحدثنا على نحو نسبي وتقريي لاستطعنا القول: أنه يندر العثور في هذه المنطقة على أمي واحد» والفضل في ذلك يعود إلى التربية الصحيحة؛ والرعاية السٌليمة والواعية الي قام بما علماؤها، وإلى الجهود اليّ بذلا أجدادنا العظام (أعلى الله مقامهم)؛ وخصوصاً سماحة الوالد الماجد الإمام المصلح الحاج ميرزا

حسن آقا الإحقاقي، الذي أخذ على عاتقه مهام المرجعية والإرشاد لتلك المنطقة منذ أمد بعيد» وحى يومنا هذا...

ما أغرب قرية جبلية في إيران؛ فهي تلك الي تقع في سفوح هذه الجبال؛ وتسمى (كندجان» فبيوتها لم ثُنَ من الطين والإسمنت والآجر وغير ذلك مثل بيوت المناطق الأخرى» بل حتت داخل الحبال» إنما حقاً بمجموعة في رائعة؛ تجسد فيها قوله تعالى. عن قوم صالح: (وتنحتون الجبال بيوتا)(2).

* أثر المصنّف ووالده في نشر الوعي:
إن أهالي هذه النواحي كسائر أهالي منطقة (أسكو) هم من خواص مريدي أجدادنا الأجلاء» وهم اليوم من مقلدي الوالد الماجد. العبد الصالح؛ الإمام المصلح» المولى الحاج ميرزا حسن آقا الإحقاقي (روحي فداؤه)؛ خلافاً لما كان عليه قوم ني الله صالح؛ فهم مؤمنون طون بعيدون عن الاستكبار والفساد والكفر» ويبلغون أعلى مراتب الحب والولاء لأهل بيت العصمة عليهم السلام، ويعود الفضل في ذلك إلى العالم الجليل» المرحوم الحاج ميرزا محمد علي معتمد الإسلام؛ وابنه البار العالم الوجيه الحاج ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام (أعلى الله مقامهم) مؤلف كتاب: (برهان الشيعة)؛ و(كلمة من ألف) في الرد على كتيب: (عملاء الاستعمار).

وهما من تلاميذ والدي الكريم، وعمّي المقدّس، حيث بذلا كل الجهد في تربية الناس على أصل التوحيد والإيمان والولاية؛ لذا ما إن تضع قدمك في تلك الناحية؛ وتسحر بهوائها اللطيف والنقي والعطر» وورودها المتنوعة الجمال والألوان، ومياهها العذبة اللذيذة؛ حين تلوح لك أنوار التوحيد والولاية؛ وتشم عطر محبة أهل بيت لَمِجْا؛ وتذوق صفاء وإخلاص أهليها بنشاطهم وبشاشتهم؛ فتغوص في بحرٍ من اللذة والسمو الروحي، سوف لا تنسى تلك الذكريات أبداً.

* ارتباط آية الله الإحقاقي تل بالمصنف وبلده:

لقد كنت خلال سنوات إقاميٍ في (آذربيجان) و(تبريز) أسافر إليها في فصل الربيع من كل سنة، بدعوة من أهالي تلك المنطقة المحترمين، وخاصة المرحوم الحاج ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام (أعلى الله مقامه) -وكان من تلاميذي- وذلك للسياحة والتبليغ والإرشاد؛ وتجديد العهد مع إخوانا المخلصين في تلك الديار.

وكنت أقضي معظم أوقاتٍ في تلك الأيام، التي كانت تدوم أحياناً أكثر من أسبوع, بالإضافة إلى الأوقات الشرعية الي كنت أتواجد فيها في المسجد لصلاة الجماعة والوعظ عند شاطئ نمر فائق الجمال، وسط الرياض النضرة؛ والورود العبقة؛ مع جماعة من الإخوة من ذوي البصائر والولاء» حيث كنا نعقد حلقة نتناول فيها بحوثاً عميقة وشيقة في الولاية لأهل بيت الرسالة والوحي وفضائلهم عليهم السلام .

تلك الأيام السعيدة والجميلة؛ لا تزال حية في نفسي؛ وتحتل صفحات واسعة من ذكرياتي، جُسّمت فيها بأحرف من نور)(3).

* المصنّف ثمرة أتعاب الإمام المصلح قدس سره وخادم الشريعة قدس سره:
ذكر قدس سره في الفصل السابع ضمن أعماله وتعداد تلامذته:
(سأشير أدناه إلى أسماء عدد من العلماء والفضلاء؛ الذين حضروا في درس سماحة الوالد الماجد وكذلك في درسي في مدرسة (صاحب الأمر عليه السلام ) العلمية؛ ومدرسة (حجة الإسلام) العلمية؛ والذين أصبحوا على الأغلب اليوم من العلماء البارزين» والمبلغين المتكلمين في خدمة الدين الإسلامي المقدس. ومذهب الإمامية الإثني عشرية الحق، ونشر فضائل ومناقب أهل بيت العصمة عليهم السلام ؛ وأحكامهم وآثارهم المباركة...
أمَّا أسماء عدد من هؤلاء العلماء الكبار الذين يمثلون غرة أتعاب سماحة الوالد الماجد (روحي فداه) وجهودي أيضاً الي استمّرت أربعين عاماً؛ والذين هم مصدر فخرنا وافتخارنا، وذخيرة أيام حياتنا وبعد وفاتنا فهي بالشكل الآني:
1)‏ المرحوم الحاج ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام كندجاني. مؤلف
العديد من الكتب القيّمة؛ مثل: (برهان الشيعة)؛ و(كلمة من ألف) في الرد على كتيب (عملاء الاستعمار)..)(4).

* اهتمام آية الله الإحقاقي قدس سره بمؤلفات المصنّف:
أيضاً ضمن حديثه عن نشاطاته العامة قدس سره قال: (تأسيس مؤسسة باسم "مكتب شيعيان تبريز"، وكنت في هذه المؤسسة أتعهد بالإجابة على المسائل الشرعية للناس، وتأليف وطبع ونشر الكتب الدينية المختلفة» والرسائل الدينية والمذهبية...
أشير هنا إلى عدد من النشريات والمطبوعات الي صدرت من قبل مؤسسة (مكتب شيعيان تبريز)، وتحت إشرافي ومباشرتي؛ وهي كالآتي:...
7 - كتاب (برهان الشيعة)؛ تأليف حجة الإسلام» المرحوم الحاج ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام (رحمة الله عليه)؛ وهو توضيح لبعض المسائل العلمية؛ ورد بعض الشبهات...
12 -‏ رسالة (كلمة من ألف) في الرد على كتيّب: (عملاء الاستعمار)، من تأليف حجة الإسلام المرحوم الحاج ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام...
47 - إعادة طبع ونشر كتاب (كلمة من ألف) في الرد على كّتيب: (عملاء الاستعمار)؛ تأليف المرحوم حجة الإسلام الحاج ميرزا غلام حسين معتمد الإسلام (رحمة الله عليه)...)(5).
نأمل من الباري -جلٌ علاه- أن يتغمَّد المصنّف برحمته الواسعة؛ وأن يجمع بينه وإيانا مع محمد وآله الطاهرين» وأن يجزيه أوفر الجزاء على دفاعه عن المؤمنين المظلومين، إنه أرحم الراحمين.

_____________________________
(1)‏ كتب الشيخ الأوحد الأحسائي تَكُ ترجمة حياته لولده الشيخ محمد تقي في رسالة
مستقلة طبعت عدة مرات، وكتب خادم الشريعة الغراء آية الله الميرزا عبد الرسول
الإحقاقي ترجمة حياة أسرته وحياته في كتاب أسماه: (قرنان من الاجتهاد والمرجعية).
(2) سورة الأعراف، الآية: 74
(3) قرنان من الاجتهاد والمرجعية؛ من ص: 33 إلى ص: 37.
(4) قرنان من الاجتهاد والمرجعية،  ص: 592.
(5) قرنان من الاجتهاد والمرجعية؛ ص: 569-572-586