علاج فكري 9

                                                                    علاج فكري(9)

الفكر والحرية(ب): الحرية السوداء أشد ما نخاف منه فهي في جوهرها إنفلات وخراب تلبس ثوب الحمل..لكنها تفترس غنيمات أفكارنا واحدة تلو أخرى ثم تلف على نهجنا تلحس لحمه وعضمه بل وحتى صورته حتى نمسي لا نعرف طريقا نسلكه أو نجما نهتدي به وفوق البيعة نردد شعارها ونتقمص أعلامها رغم كوننا كنا أحرارا بالولادة، فلماذ نتعلم ما يسلبنا هبة الخالق كي نحقق إضطرابا مقصودا في تفكيرنا لا نرتاح  بعدها سوى بقلع كل ما آمنا به آنفا وزرعته الجدات في وجداننا، فلا يبقى علما بفتح اللام إلا إسقطناه، ولا مصدر معرفة إلا أخفيناه أو شوهناه فمن بهذا نخدم إذا شوهنا كل جميل وكسرنا كل أيقونةوعطلنا كل عقل وقلم..إن طبيعة مجتمع المعرفة الجديد رام منه منشأه إطلاق حرية تفكير وسلوك لا يخضعان للرقابة تحت أية معيار فهذه هي (الحرية السوداء) أدت إلى سلبنا الكثير مما اكتسبناه على مر القرون السابقة من القناعات الراسخة الاجتماعية والسلوكية والمعرفية والعاطفية، وستحولنا إن لم نقاومها إلى شيء يشبه الفراغ(الثقافة السلبية) وهي أقصى مرحلة يدفعنا لها منشأ مجتمع المعرفة الجديد ألا تعرف نفسك وتخجل من أصلك(فقدان الهوية) أي الضياع والاغتراب عن مجتمعك، وهذا ليس تقدما اجتماعيا من دون ريب. 

سعيد القريشي