ترجمة حال المصنف أعلى الله مقامه
خادم الشريعة الغراء الإحقاقي الحائري
اسمه ونسبه:
هو شيخ الحكماء والمتألهين، قدوة الفقهاء والمجتهدين، قوام الملة والدين ، مرجع الفحول والأساطين ، أغلوطة الدهر والزمن ، العلامة الوحيد الأنور المولى الميرزا حسن الشهير بـ ( گوهر ) , عطر الله تربته القدسية وأعلى رتبته السنية ، كان قدس سره عالمًا فاضلاً حكيمًا محققًا مدققًا منطقيًا فلاق للشعر والأدب ، أوحد أهل زمانه في الأصول والفقه والحكمة الإلهية وعلمي الحديث والتفسير وسائر العلوم الدينية والرياضية .
ولادته :
كان أصل ومولد هذا الرجل العظيم في قرية ( أوشتبين ) من مناطق ) قره داغ ( و ) أرسباران ) في ) آذربيجان ) وهـو مسقط رأس جدنا الأمجد الآخوند الملا محمد سليم الأسكوئي .
أساتذته :
حضر في ( النجف الأشرف ) في درس الفحول والعلماء الكبار في ذلك العصر ومنهم :
1 - العالم الكبريائي الحكيم الرباني والفقيه الصمداني مفتاح علوم أهل البيت عليهم السلام الشيخ الأجل الأوحد الشيخ أحمد ابن زين الدين الأحسائي أعلى الله درجاته العالية ·
2 - المولى الوحيد العالم الفريد شيخ العلماء والمجتهدين الشيخ موسى بن الشيخ جعفر النجفي قدس الله سرهما الشريف ·
3 - العالم الرباني المؤيد بلطف الله الجلي المولى الشيخ علي الرشتي رضوان الله عليه ·
4 - علامة دهره وفهامة عصره الجامع للعلوم العقلية والنقلية المولى الأفخر السيد عبد الله شبر الكاظمي ·
5 - الشيخ العارف بلا مين ونادرة الكون والعين الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم البحراني.
6 - السيد السند حجة الأكابر وسند الأعاظم المولى السيد كاظم الرشتي الحائري رفع الله أعلامه في جنات النعيم .
لقد كان كل واحد من هؤلاء الأجلاء أساطين التشيع ، وحيد زمانه ، من حيث العلم والتقوى والاجتهاد والمرجعية ،
وقد أجازوا جميعا المرحوم إجازات مفصلة في علوم الرواية والدراية والمعقول والمنقول ، وخصوصًا حكمة أهل بيت الرسول صلى الله عليهم أجمعين ، مما يثبت رفعة مقامه في علوم الدين والشريعة ، وأسرار سيد المرسلين صلى الله عليه واله وسلم.
لقد كان رحمه الله في طليعة ناشري فضائل ومناقب أهل بيت النبوة عليهم السلام، ومن حاملي أسرار الولاية ، وقد ضمن مؤلفاته القيمة حكمة أهل البيت عليهم السلام والقرآن الكريم ، في مقابل اتباع الفلسفة اليونانية مما أحدث تحولاً كبيراً في علمي الحكمة والفلسفة ، ووضع الخط الأحمر على بعض النظريات الكافرة لبعض المتفلسفين ، كمسألة ( الوجود والماهية ) و ) وحدة الوجود والموجود ( و ) مسألة المعاد ( من وجهة نظرهم ، وسائر المسائل الباطلة ، حيث عرض مقابل هذه الأوهام - كأساتذته الأجلاء - مباحث في الحكمة استقاها من المعين الصافي لآل محمد عليهم السلام لتكون بديلاً عن تلك النظريات المزخرفة ، وفي الواقع لقد وضع الحكمة القرآنية محل الفلسفة اليونانية ، وهذا الأمر واضح ومفصل في كتبه القيمة والمنقطعة النظير ككتاب (المخازن) و ( اللمعات (، وهذا الكتاب المستطاب) شرح حياة الأرواح ( وسائر مؤلفاته الأخرى ، بحيث أن القارئ البصير والمدرك سيقف مبجلاً هذا العالم النابغة الجليل القدر عند مروره على هذه المباحث العلمية اللطيفة والدقيقة ، أعلى الله مقامه ورفع في الخلد أعلامه.
تلامذته:
كان للمرحوم حلقة دراسية عظيمة في (كربلاء المقدسة) بجوار حرم سيد الشهداء أرواحنا فداه ، وكان أكثر طالبي الفقه والدراية وعلم الحكمة والمعارف القرآنية السامية والولاية ، يجتمعون كل يوم في ذلك المجمع العلمي والروحي المنوّر حول مصباح هدايتهم وأستاذهم الجليل ، لينعموا بثمار شجرة العلم والتقوى والمحبة والولاية لذلك العالم الفريد ، وما أكثر الأساتذة العظماء والمبلغين القديرين ، والعلماء الأعلام الذين أرفدهم هذا المجلس المبارك للمجتمع الإسلامي عامة والشيعي خاصة ، وسنذكر بعضًا من مشاهيرهم كنموذج وهم :
1 - الحكيم الإلهي والفقيه الرباني وحيد عصره وسلمان زمانه جدنا الأعلى المرحوم المولى ميرزا محمد باقر بن محمد سليم الإسكوئي "رضوان الله عليه" .
2 - جامع المعقول والمنقول وحاوي الفروع والأصول العالم المؤيد الإلهي المولى حسين بن علي الخسروشاهي "رضوان الله عليه" .
3 - شيخ العلماء والمتألهين وزبدة الفقهاء الربانيين الشيخ أحمد بن الحسين الشهير بـ (شكر النجفي)
4- الشيخ المؤيد والعالم المسدد الفقيه الحكيم الشيخ علي بن رحيم الخوئي الحائري رحمة الله عليه .
5 - شيخ الفقهاء والمجتهدين وعمدة الأعلام الربانيين المولى الشيخ محمد بن الشيخ حسين أبو خمسين الأحسائي قدس الله روحه الشريفة المتوفى سنة (1316 هـ. ق)
وهؤلاء الأجلاء كانوا في عصرهم في أعلى درجات العلم والتقوى وكانوا شموعًا وملاذًا ومراجعًا لشيعة أهل بيت العصمة عليهم السلام .
مـؤلـفـاته:
وكان لهذا العالم الجليل الكثير من الآثار العلمية والحكمية النفيسة ، وكذلك في علوم الحديث والفقه والأصول والتفسير ، وهي حقاً بحر جمعت فيه لآلئ الأسرار والمقامات العالية لأهل بيت العصمة عليهم السلام، وأهم هذه المؤلفات :
1 - المخازن ، في حكمة أهل بيت النبوة والرسالة عليهم السلام.
2 – اللمعات ، في أحوال المبدأ والمعاد ، الذي ألفه من أوار ولاية المعصومين عليهم السلام ومذهبهم .
3 - شرح حياة الأرواح، في أصول عقائد الإسلام والشيعة، رد فيه على اعتراضات الملا محمد جعفر الاسترابادي، بشكل قاطع وبأسلوب منطقي متين وهو هذا الكتاب الذي بين يديك .
4 - البراهين الساطعة، وهـو أيضًا في أصول العقائد ومباحث المبدأ والمعاد .
5 - الرسالة العملية، في المسائل والأحكام الفقهية وباللغتين العربية والفارسية .
6 - رسالة في تفسير الآية (68) من سورة النحل المباركة .
7 - رسالة في أجوبة مسائل متفرقة كتبها بأمر أستاذه الكبير الشيخ الأوحد أحمد الإحسائي أعلى الله مقامه.
8 - شرح الخطبة المشهورة لثامن الأولياء علي بن موسى الرضا عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الطيبين أفضل التحية والثناء والتي تبدأ بهذه الفقرة الشريفة: « أول توحيد الله معرفته … إلخ» (1).
9 - تفسير الحديث النبوي الشريف: «علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل» (2).
وجميع هذه الكتب طبعت مرة أو أكثر .
10 – رسالة في جواب اعتراضات الملا محمد جعفر الاسترابادي .
11 - رسالة في الصوم .
12 - رسالة في توجيه الكلمات .
13 - رسالة في الرد على الحاج كريم خان الكرماني .
14 - كتاب ذكره المرحوم ميرزاﮔوهر في كتابه (شرح حياة الأرواح) حيث قال: (سأكتب كتابًا في أقسام النفس ومراتبها) .
كتب المرحوم الحاج آغا بزرك الطهراني المؤلف القدير لكتاب "الذريعة "عن المرحوم ميرزا كوهر :هو الشيخ المولى حسن بن علي الشهير بـ(ﮔوهر) من العلماء الأعلام في كربلاء ويعد الكتب المذكورة أعلاه من مؤلفات هذا العالم الجليل .
ذوقه الأدبي :
إن المرحوم ميرزا ﮔوهر "رضوان الله عليه" إضافة إلى كونه من فحول ومشاهير علماء زمانه في العلوم الإسلامية وخصوصًا الفقه وحكمة أهل البيت عليهم السلام كانت له أيضًا قريحة جياشة وذوق لطيف وبديع في علم الأدب وفنون البلاغة والشعر بشكل يجد الإنسان نفسه عند قراءته لآثاره الأدبية غائصًا في عالم من اللذة الروحية .
لقد نظم ذلك العالم الجليل أشعارًا بليغة جدًا في الحكمة وغيرها باللغة الفارسية والعربية وسنذكر هنا نموذجًا من قطعة شعرية أنشأها في رثاء أستاذه القدير الشيخ الأجل الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي أعلى الله مقامهما بقلب موجع وعين باكية وهي تكشف عن قدرته الأدبية في الفصاحة والبلاغة والـبديع:
قل إن سحت دمًا عيناي طول الدهر سرمد قلتُ من تنعي فقال: الطهر زين الدين (أحمد)
ياسماء في لحود الأرض والترب توسد أو يوارى في التراب جسمًا كان روحاً قد تجسد
أنت ذاك الجوهـر الفرد الذي لايزال مفرد يـافريداً لـم يكن مثلاً لـه فـي الكون يوجد
عقمت أم العلا من بـعده لـمّا تولّـد كان نوراً منـه مصباح الظلمات توقـد
خانه الدهر الخؤون إذ لـم يكن للدهر يصمد فسألت الفكر عن تاريخه يوماً فأنـشد
لنعي الرزء لمـّا بكّر الناعي وأنشد من له شمل الهدى والدين والدنيا تبدد
ماسمعنا قبل ذا أن السما في الأرض تلحد يافريداً جامعاً وهو من الجمع تفرد
مجدك السامي أشاد العلم في الدنيا وشيد وإليه الناس طراً في علوم الدين تصمـد
لايدانيه بـتجريداته الـعقل المجـرد فانطفت لمّا انتفى أنوار مصباح الموقد
فسما نحو الفراديس وفي الخلد تخلد فُزتُ بُالفردوس فوزاً يا ابن زين الدين أحمد
فإذا لاحظنا هذه الأبيات من حيث العلوم الأدبية العـربية وخصوصًا الانسجام الواضح بين علم المعاني والبيان والبديع لوجدنا فيها أغلب فنون البلاغة والفصاحة من استعارة وكناية وتشبيه وحقيقة ومجاز وسائر اللطائف الأدبية بنحو مـثير للإعجاب، هذا بالإضافة إلى سمو المعاني فيها وبلوغها منتهى الجمال، فهي تثير عواطف القارئ والسامع مما يستدعي تقديره وتكريمه لكل تلك الدقائق والطرائف المعنوية ، كما تكشف هذه الأبيات ضمنًا عن مدى العلاقة القلبية، والارتباط الروحي والاحترام العميق، الذي كان يكنه لأستاذه الجليل، وتظهر أيضا عن مدى الألم والأسف والتأثر الذي أصابه بهذا المصاب العظيم ، وفقدان هذا العالم الأوحد، أعلى الله مقامهما في جنات الخلود.
وفاته :
سافر المرحوم ميرزا حسن ﮔوهر" رضوان الله عليه" في آخر سنة من عمره المبارك إلى ( الحجاز ) لزيارة بيت الله الحرام والمشاهد المقدسة في ( مكة المكرمة ) و ( المدينة المنورة ) وخصوصاً المرقد الأنور لسيد المرسلين صلى الله عليه واله وسلم، وأئمة البقيع صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وهناك في جوار بيت الله الحرام لبى نداء الحق والتحق بأوليائه الكرام ، فدفن في وادي قريش ( المعلى ( تحت المدرجات المتصلة بحائط مرقد عبدالمطلب وعبد مناف وأبو طالب رضوان الله عليهم ، وقد وقعت هذه الحادثة المؤسفة في سنة ( 1266 هـ · ق ) وهذا التاريخ يساوي بحساب الأبجد جملة (غاب نور = 1266) رضوان الله عليه وأعلى الله درجاته في جنات النعيم بحق محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ·
خادم الشريعة الغراء الإحقاقي الحائري ·
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
راجع المقدمة لكتاب شرح حياة الارواح، بقلم الميرزا عبد الرسول الاحقاقي.
(1) بحار الأنوار:ج 4, ص 228,ولكن بدل توحيد جاءت عبادة.
(2) المزار للمفيد: ص 6, وجاء في هامش بحار الأنوار:ج 35, ص 304.